الخميس، 16 ديسمبر 2010

(من اسرار الملكوت) الحسين(ع) وسيرته مع الانبياء




(من اسرار الملكوت) الحسين(ع) وسيرته مع الانبياء


اللهم صل على محمد وآل محمد
قصة آدم مع ذكر الحسين
لما نزل آدم عليه السلام إلى الأرض لم ير حواء صار يطوف الأرض في طلبها فمر بكربلاء فاغتم وضاق صدره من غير سبب وعثر في الموضع الذي قتل فيه الحسين( ع) حتى سال الدم من رجليه فرفع رأسه إلى السماء وقال
( إلهي هل حدث عني ذنب آخر فعاقبتني به فإني طفت جميع الأرض فما أصابني سوء مثل ما أصابني في هذه الأرض )
فأوحى الله إليه يا ( آدم ما حدث منك ذنب ولكن يقتل في هذه الأرض ولدك الحسين عليه السلام فسال دمك موافقا لدمه )
فقال آدم ( يا رب أيكون الحسين نبيا )
قال تعالى ( لا ، ولكنه سبط النبي محمد صلى الله عليه وآله )
قال ( ومن القاتل له )
قال تعالى ( قاتله يزيد لعين أهل السموات والأرض )
فقال آدم عليه السلام ( أي شيء أصنع يا جبرئيل )
قال ( العنه يا آدم ) فلعنه أربع مرات ومشى أربع خطوات إلى جبل عرفات فوجد حواء هناك .
 
نبي الله نوح (عليه السلام) وسيرته مع سيد الشهداء
 

ونوح (ع) لما نجر السفينة أتى له جبرئيل (عليه السلام) بمائة وأربعة وعشرين ألف مسمار ليحكم بها السفينة ثم أتى له بخمسة بساميرأخرى قال اجعل إحداها على صدر المركب والآخر على ظهره والثالث على مؤخره والرابع على اليمنى والخامس على اليسرى ، فلما ضرب المسامير ووصل إلى الخامس انكسرت الخشبة وظهرت منها ضجة ورنة و انكسر بها قلب نوح عليه السلام فتعجب من ذلك وسأل جبرئيل عنه ، فقال : يا نوح إن هذه المسامير باسم الخمسة من أهل الكساء والمسمار الخامس باسم الحسين عليه السلام تصيبه مصيبة تصغر عندها الرزايا والمصائب ، فذكر وقعة كربلاء فبكى نوح وجبرئيل عليهما السلام بكاء شديدا وحزنا حزنا طويلا ولعنا يزيد وسائر من قتله .
ولما ركب في السفينة وطافت به جميع الدنيا ،وعندما مرت السفينة بكربلاء أخذته الأرض وخاف نوح عليه السلام من الغرق فدعا ربه فقال
( إلهي طفت جميع الدنيا فما أصابني فزع مثل ما أصابني في هذه الأرض )
فنزل إليه جبرئيل وقال ( يا نوح في هذا الموضع يقتل الحسين عليه السلام سبط محمد( صلى الله عليه وآله )خاتم الأنبياء وابن خاتم الأوصياء )
قال ( ومن القاتل له يا جبرئيل )
قال ( قاتله يزيد لعين أهل السموات والأرضين ) فلعنه نوح أربع مرات فسارت السفينة حتى بلغت الجودي واستقرت عليه.
 
ابراهيم عليه السلام وسيرته مع الحسين.
وإبراهيم عليه السلام مر بأرض كربلاء وهو راكب فرسا فعثر الفرس وسقط إبراهيم (عليه السلام) وشج رأسه وسال دمه فأخذ في الاستغفار فقال ( إلهي أي شيء حدث مني ) فنزل جبرئيل 
وقال ( يا إبراهيم ما حدث منك ذنب ولكن هناك يقتل سبط خاتم الأنبياء وابن خاتم الأوصياء فسال دمك موافقا لدمه )
قال ( يا جبرئيل ومن يكون قاتله )
قال ( قاتله يزيد لعين أهل السموات والأرضين والقلم جرى على اللوح بلعنه بغير إذن ربه
فأوحى الله إلى القلم أنك استحققت الثناء بهذا اللعن ) فرفع إبراهيم يده ولعن يزيد لعنا كثيرا وأمّن فرسه بلسان فصيح فقال إبراهيم لفرسه
( أي شيء عرفت حتى تؤمن على دعائي ) 
فقال ( يا إبراهيم أنا أفتخر بركوبك علي فلما عثرت وسقطت عن ظهري عظمت خجلتي وكان سبب ذلك من يزيد لعنه الله ) . 
وكان إبراهيم كثير البكاء والنوح على الحسين كما أخبر الله سبحانه عنه في كتابه 
} فنظر نظرة في النجوم فقال إني سقيم { والنجوم هم آل محمد صلى الله عليهم قد ظهروا في كرسي الولاية فنظر فيهم لأنه من شيعتهم وعبيدهم ومرجع العبد إلى سيده ، 
فلما اطلع على وقعة الحسين قال إني سقيم القلب لشدة الألم والحزن وبقي هذا الألم والسقم والحزن إلى أن قبضه الله إليه ، أو النجوم هي الكواكب الظاهرة فلما نظر إليها وعرف اقتضاءاتها وتأثيراتها وفهم منها وقعة الطفوف قال ما قال ، وللآية وجوه كثيرة أخرى.
 
 
وإسماعيل عليه السلام
كانت له أغنام ترعى بشاطئ الفرات فأخبره الراعي أنها لا تشرب الماء من هذه المشرعة منذ كذا يوما فسأل ربه عن ذلك
فنزل جبرئيل فقال ( يا إسماعيل اسأل غنمك فإنها تجيبك عن سبب امتناعها من شرب الماء )
فقال لها ( لم لا تشربين من هذا الماء )
فقالت بلسان فصيح ( قد بلغنا أن ولدك الحسين عليه السلام سبط محمد صلى الله عليه وآله يقتل هنا عطشانا فنحن لا نشرب من هذه المشرعة حزنا عليه )
فسألها عن قاتله فقالت ( يقتله يزيد لعين أهل السماوات و الأرضين و الخلائق أجمعين )
فقال إسماعيل ( اللهم العن قاتل الحسين عليه السلام ) .
 
 
نبي الله موسى عليه السلام
كان موسى عليه السلام ذات يوم سائرا و معه يوشع ابن نون فلما جاء إلى أرض كربلاء انخرق نعله و انقطع شراكه و دخل الحسك في رجليه و سال دمه
فقال ( إلهي أي شيء حدث مني )
فأوحى الله إليه : أن الحسين عليه السلام يقتل هنا و يسفك دمه فسال دمك موافقة لدمه 
فقال (رب و من يكون الحسين )
فقيل : هو سبط محمد المصطفى و ابن علي المرتضى
فقال ( و من يكون قاتله ) فقيل : هو يزيد لعين السمك في البحار و الوحوش في القفار و الطيور في الهواء فرفع موسى يديه و لعن يزيد و دعى عليه و أمن يوشع بن نون على دعائه و مضى لشأنه .
و روى كعب الأحبار اليهودي و قال ( إن في كتابنا أن رجلا من ولد رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم يقتل و لا يجف عرق دواب أصحابه حتى يدخلون الجنة فيعانقون الحور العين )
فمر بنا الحسن عليه السلام
فقلنا هو هذا ؟ 
فقال : لا فمر بنا الحسين عليه السلام فقلنا : هو هذا ؟ فقال : نعم
 
 
نبي الله سليمان 
و سليمان عليه السلام كان يجلس على بساطه و يسير في الهواء ، فمر ذات يوم و هو سائر في أرض كربلاء فأدارت الريح بساطه ثلاث دورات حتى خافوا السقوط ، فسكنت الريح و نزل البساط في أرض كربلاء فقال سليمان ( يا ريح لم سكنت ) فقالت : إن ههنا يقتل الحسين عليه السلام
فقال( فمن يكون الحسين ؟ ) قالت : هو سبط أحمد المختار و ابن علي الكرار ،
فقال : ( فمن قاتله ؟ ) قالت : يقتله يزيد لعين أهل السماوات و الأرضين فرفع سليمان يده و لعن يزيد و أمن على دعائه الإنس و الجن فهبت الريح و سار البساط . 
 
 
زكريا عليه السلام
و زكريا عليه السلام سأل ربه أن يعلمه الأسماء الخمسة فنزل جبرئيل عليه السلام فعلمه إياها ، ثم أن زكريا عليه السلام إذا ذكر محمدا و عليا و فاطمة و الحسن عليهم السلام سرى عنه همه و انجلى كربه و إذا ذكر اسم الحسين عليه السلام خنقته العبرة و وقعت عليه البهرة ، 
فقال ذات يوم ( إلهي مالي إذا ذكرت أربعا منهم تسليت بأسمائهم من همومي و إذا ذكرت الحسين عليه السلام تدمع عيني و تثور زفرتي ) فأنبأه الله تبارك و تعالى عن قصته 
فقال ( كهيعص فالكاف اسم كربلاء و الهاء هلاك العترة الطاهرة و الياء يزيد عليه اللعنة و هو ظالم الحسين عليه السلام و العين عطشه و الصاد صبره )
فلما سمع بذلك زكريا لم يفارق مسجده ثلاثة أيام و منع فيهن الناس من الدخول عليه ، وأقبل على البكاء و النحيب و كان يرثيه 
(إلهي أتفجع خير جميع خلقك بولده ، إلهي أتنزل بلوى هذه الرزية بفنائه ، إلهي أتلبس عليا و فاطمة عليهما السلام ثياب هذه المصيبة ، إلهي أتحل كربة هذه المصيبة بساحتهما )
و كان يقول ( إلهي ارزقني ولدا تقر به عيني على الكبر فإذا رزقتنيه فافتني في حبه ثم افجعني به كما تفجع محمدا صلى الله عليه و آله و سلم حبيبك بولده )
فرزقه الله تعالى يحيى و فجعه به ، و كان حمل يحيى ستة أشهر و حمل الحسين كذلك
 
 
عيسى عليه السلام
و عيسى عليه السلام كان سائحا في البراري و معه الحواريون فمر بأرض كربلاء فرأى أسدا قد أخذ الطريق فتقدم عيسى عليه السلام إلى الأسد و قال له ( لم جلست في هذا الطريق و لا تدعنا نمر فيه )
فقال الأسد بلسان فصيح : إني لم أدع لكم الطريق حتى تلعنوا يزيد قاتل الحسين عليه السلام ،
فقال عيسى عليه السلام ( و من يكون الحسين عليه السلام )
قال : هو سبط محمد المصطفى النبي الأمي و ابن علي الولي قال (و من القاتل له )
قال : قاتله يزيد لعين الوحوش و الدواب و السباع أجمع ، خصوصا في يوم عاشوراء ، فرفع عيسى يده و لعن يزيد و دعا عليه و أمن الحواريون على دعائه فتنحى الأسد عن طريقهم و مضوا لشأنهم ،
وروي عن مشايخ بني سليم قالوا (غزونا بلاد الروم فدخلنا كنيسة من كنائسهم فوجدنا فيها مكتوبا هذا البيت 
أيرجو معشر قتلوا حسينا شفاعة جده يوم الحساب 
قال ( فسألناهم كم هذا في كنيستكم ؟ ) فقالوا : قبل أن يبعث نبيكم بثلاثمائة عام . 
 
 
النبي محمد (صلى الله عليه وآله ) وسيرة ولده الحسين(ع)
كان النبي صلى الله عليه و آله و سلم في بيت أم سلمة رضي الله عنها فقال لها (( لا يدخل علي أحد )) فجاء الحسين عليه السلام و هو طفل فما ملكت منعه حتى دخل على النبي صلى الله عليه و آله و سلم فدخلت أم سلمة في إثره فإذا الحسين عليه السلام على صدره و إذا النبي يبكي و في يده شيء يقلبه فقال النبي صلى الله عليه و آله (( يا أم سلمة إن هذا جبرئيل يخبرني بقتل ولدي هذا و هذه التربة التي يقتل فيها فضعيها عندك فإذا صارت دما فقد قتل حبيبي )) ،
فقالت أم سلمة ( يا رسول الله اسأل الله أن يدفع ذلك عنه ) 
قال (( قد فعلت فأوحى الله عز و جل إلي أن له درجة لا ينالها أحد من المخلوقين و إن له شيعة فيشفعون ، و أن المهدي عليه السلام من ولده فطوبى لمن كان من أولياء الحسين عليه السلام و شيعته و شيعة أبيه و الله هم الفائزون )) 
و في اليوم الذي قبض فيه النبي دعا الحسين عليه السلام و ضمه إلى صدره و بكى بكاء كثيرا شديدا و هو
يقول (( مالي و ليزيد يا بني إن لي مقاما مع قاتلك عند الله )) . 
 
 
امير المؤمنين وسيرة الحسين (عليهم السلام)
أمير المؤمنين عليه السلام مر في خروجه إلى صفين بنينوى و هو شط الفرات فقال بأعلى صوته 
(( يا ابن عباس أتعرف هذا الموضع ؟ )) قلت : ما أعرفه يا أمير المؤمنين
فقال عليه السلام
(( لو عرفته كمعرفتي لم تكن تجوزه حتى تبكي كبكائي ))
قال : فبكى بكاء طويلا حتى اخضلت لحيته و سالت الدموع على صدره و بكينا جميعا و هو يقول (( آه آه و آه و آه و آه و آه مالي ولآل أبي سفيان مالي و لآل حرب حزب الشيطان و أولياء الكفر والطغيان صبرا يا أبا عبدالله فقد لقي أبوك منهم مثل الذي تلقى منهم ))
ثم دعا بماء فتوضأ وضوء الصلاة فصلى ما شاء الله أن يصلي ثم ذكر مثل كلامه الأول فنعس عند انقضاء صلاته و كلامه ساعة ثم انتبه
فقال (( يا ابن عباس )) فقلت : ها أنا ذا ، فقال عليه السلام (( ألا أحدثك بما رأيت في منامي آنفا عند رقدتي )) فقلت : نامت عيناك و رأيت خيرا يا أمير المؤمنين ، قال عليه السلام (( رأيت كأني برجال قد نزلوا من السماء معهم أعلام بيض قد تقلدوا بسيوفهم و هي بيض تلمع و قد خطوا حول هذه الأرض خطة ثم رأيت كأن هذه النخيل قد ضربت بأغصانها الأرض تضطرب بدم عبيط و كأني بالحسين سخلي و فرخي و مضغتي و مخي قد غرق فيه يستغيث و لا يغاث و كان الرجال البيض قد نزلوا من السماء ينادونه و يقولون صبرا آل الرسول فإنكم تقتلون على أيدي شرار الناس و هذه الجنة يا أبا عبد الله إليك مشتاقة ثم يعزونني و يقولون لي : يا أبا الحسن أبشر فقد أقر الله به عينك يوم يقوم الناس لرب العالمين)) .
 
 
الامام الحسن وسيرة اخيه الحسين (عليهم السلام)
وإن الحسن بن علي عليه السلام دخل يوما إليه الحسين عليه السلام فنظر إليه فبكى وقال ( يا أخي كأني بك تقتل مسموما ) قال الحسن ( يا أخي أما أنا فأسقى سما فأموت به وأما أنت يا أخي فلا يوم كيومك يهجم عليك ثلاثون ألفا يدعون أنهم من أمة جدنا ) ثم ساق الحديث وذكر وقعة كربلاء وبكى بكاء شديدا . 
 
روى سالم بن أبي حفصة قال ( قال عمر بن سعد للحسين عليه السلام يا أبا عبدالله إن قبلنا أناس يزعمون أني أقتلك ، فقال له الحسين عليه السلام : إنهم ليسوا بسفهاء ولكنهم حلماء علماء ، أما إنه يقر عيني أنك لا تأكل به بر العراق بعدي إلا قليلا )) . قال (( وخرجنا مع الحسين عليه السلام فما نزلنا منزلا ولا ارتحلنا منه إلا ذكر يحيى بن زكريا عليه السلام وقال يوما من الأيام : ألا إن من هوان الدنيا على الله عز وجل أن رأس يحيى بن زكريا أهدي إلى بغي من بغايا بني إسرائيل )) . 
وهكذا كان الأمر في جميع الأنبياء والمرسلين والملائكة المقربين وأهل الأرض أجمعين لم يزالوا في البكاء والحزن والملال حتى وقعت هذه الداهية العظمى والرزية الكبرى . 
 
الحسين سيد الشهداء وسيرته في واقعة الطف بكربلاء
لما كان يوم عاشوراء وبقي الحسين عليه السلام وحيدا فريدا بلا ناصر ولا معين في أرض كربلاء بعد أن قتل أنصاره وأعوانه وبنو أخيه وبنو عمه وبنو أبيه وأولاده ولم يبق أحد سوى العليل زين العابدين عليه السلام ، وإنما صار عليلا ليسقط عنه الجهاد وإنما وجب سقوط الجهاد حفظا للعالم أن ينهدم ويبيد فما كان يجوز له الجهاد ليقتل ، فالحسين عليه السلام لما رأى وحدته وقتل جميع أنصاره ودع عياله وأطفاله الصغار وخرج إلى الميدان وبقي واقفا متحيرا متكئا على رمحه مرة ينظر إلى أخوته وأولاده وبني أخيه وبني عمه صرعى مقتولين مجدلين ومرة ينظر إلى غربته ووحدته وانفراده ومرة ينظر إلى النساء وغربتهن ووحدتهن وعطشهن وصيرورتهن أسارى ومرة ينظر إلى شماتة الأعداء وتصميمهم بقتل قرة عين العالم ، ثم نادى عليه السلام بصوت عال حزين 
( أما من ناصر فينصرنا ، أما من مغيث يغيثنا ، هل من موحد يخاف الله فينا ، أما من ذاب يذب عن حرم رسول الله ) .
فلما نادى عليه السلام هذا النداء تزلزلت أركان العرش وقوائمه وبكت السموات وضجت الملائكة واضطربت الأرض فقالوا بأجمعهم يا ربنا هذا حبيبك فأذن لنا لنصره ، وهو صلوات الله عليه وروحي له الفداء في هذه الحالة إذ وقعت صحيفة قد نزلت من السماء في يده الشريفة فلما فتحها رأى أنها هي العهد المأخوذ عليه بالشهادة قبل خلق الخلق في هذه الدنيا فلما نظر عليه السلام إلى ظهر تلك الصحيفة فإذا مكتوب فيه بخط واضح جلي 
( يا حسين نحن ما حتمنا عليك الموت وما ألزمنا عليك الشهادة فلك الخيار ولا ينقص حظك عندنا فإن شئت أن نصرف عنك هذه البلية فاعلم أنا قد جعلنا السموات والأرضين والملائكة والجن كلهم في حكمك فأمر فيهم بما تريد من إهلاك هؤلاء الكفرة الفجرة لعنهم الله ) فإذا بالملائكة قد ملئوا بين السماء والأرض وبأيديهم حرب من النار ينتظرون حكم الحسين عليه السلام وأمره فيما يأمرهم به من إعدام هؤلاء الفسقة .
فلما عرف عليه السلام مضمون الكتاب وما في تلك الصحيفة رفعها إلى السماء ورمى بها إليها فقال 
(( يا رب وددت أن أقتل وأحيى سبعين مرة أو سبعين ألف مرة في طاعتك ومحبتك وإني قد سئمت الحياة بعد قتل الأحبة ، سيما إذا كان ف قتلي نصرة دينك وإحياء أمرك وحفظ ناموس شرعك )) ثم أخذ عليه السلام رمحه ولم يأذن للملائكة بشيء وباشر الحرب بنفسه الشريفة ، وحمل على أولئك الكفار وطحن جنود الفجار واقتحم قسطل الغبار مجالدا بذي الفقار كأنه علي المختار ، فلما رأوه ثابت الجأش غير خائف ولا خاش نصبوا له غوائل مكرهم وقاتلوه بكيدهم وشرهم ، وأمر اللعين ابن سعد جنده فمنعوه من الماء وردوه وناجزوه القتال وعاجلوه النزال ورشقوه بالسهام والنبال وبسطوا إليه أكف الاصطلام ولم يرعوا له ذماما ولا راقبوا فيه آثاما في قتلهم أولياءه وهو مقدم في الهبوات ومحتمل للأذيات قد عجبت من صبره ملائكة السموات وأحدقوا به من كل الجهات وأثخنوه بالجراح وحالوا بينه وبين الرواح ولم يبق له ناصر وهو محتسب صابر يذب عن نسوته وأولاده حتى نكبوه عن جواده فهوى إلى الأرض جريحا تطؤه الخيول بحوافرها وتعلوه الطغاة ببواترها قد رشح للموت جبينه واختلفت بالانقباض والانبساط شماله ويمينه يدير طرفا خفيا إلى رحله وبنيه وقد شغل بنفسه عن ولده وأهاليه .
وأسرع فرسه شاردا إلى خيامه قاصدا محمحما باكيا ، فلما رأين النساء جواده مخزيا ونظرن إلى سرجه عليه ملويا برزن من الخدور ناشرات الشعور على الخدود لاطمات الوجوه سافرات وبالعويل داعيات وبعد العز مذللات وإلى مصرعه مبادرات ، والشمر جالس على صدره مولغ سيفه في نحره ذابح له بمهنده ، قد سكنت حواسه وخفيت أنفاسه ورفع على القناة رأسه ، وسبي أهله كالعبيد وصفدوا في الحديد فوق أقتاب المطايا تلفح وجوههم حر الهاجرات يساقون في البراري والفلوات أيديهم مغلولة إلى الأعناق يطاف بهم في الأسواق ، فالويل ثم الويل للعصاة الفساق قد قتلوا بقتله الإسلام وعطلوا الصلاة والصيام ونقضوا السنن والأحكام وهدموا قواعد الإيمان وحرفوا آيات القرآن وهموا في البغي والعدوان .
فقام ناعيه عند قبر جده الرسول صلى الله عليه وآله فنعاه إليه بالدمع الهطول قائلا : يا رسول الله قتل سبطك وفتاك واستبيح أهلك وحماك ، وسبيت بعدك ذراريك ووقع المحذور بعترتك وذويك ، فانزعج الرسول صلى الله عليه وآله وبكى قلبه المحول وعزاه به الملائكة المقربون والأنبياء المرسلون ، وفجعت به أمه الزهراء واختلفت جنود الملائكة المقربين تعزي أباه أمير المؤمنين عليه السلام وأقيمت له المآتم في عليين ولطمت عليه الحور العين وبكت السماء وسكانها والجبال وخزانها والهضاب وأقطارها والبحار وحيتانها ومكة وبنيانها والجنان وولدانها والبيت والمقام والمشعر الحرام والحل والإحرام وكل شيء دخل في الوجود وأقر بالمعبود ، 
قال مولانا الصادق عليه السلام في زيارة له عليه السلام 
(( أشهد أن دمك سكن في الخلد واقشعرت له أظلة العرش وبكى له جميع الخلائق ، وبكت له السموات السبع والأرضون السبع وما فيهن وما بينهن ، ومن يتقلب في الجنة والنار من خلق ربنا ، وما يرى وما لا يرى ))
لعن الله يزيدا وكل من شايع وقاتل وساند ورضي بهذا الامر ولعن الله كل ظالم ظلم آل محمد من الاولين والآخرين الى يوم الدين
 
صادق الموسوي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق