الجمعة، 4 مارس 2011

أكتشاف خطير في منطقة النسيان كتابات - علي فاهم
 
كنت أسير في هذا الشارع منذ تعلمت المشي و بعدها ركوب الدراجة الهوائية و
من ثم النارية و كنت أكرهه كثيراً لكثرة تعرجاته و حفره و طساته صعوداً و
نزولاً و لدرجة جعلني أبغض حتى المدرسة الابتدائية التي تقف في نهايته ,
و لكنها اليوم لم تعد واقفة فقد أنحنى ظهرها من كثرة أعداد التلاميذ
المتكدسين كالسردين في علب الصفوف و في الدوامات الثلاث التي تسعد أم
خضير كثيراً لأنها تخلص قدر ( الباجلة ) حتى أخر حباية , و لكنها ترهق
عباس حارس ما يسمى أف بي أس,لأنه عليه مراقبة التلاميذ (شياطين الزعاطيط)
كما يسميهم و هو لا ينفك يدردم على الحكومة لأنه و رغم أرتدائه لزي
الشرطة و منذ تعيينه في هذه المهنة قبل سبع سنوات عجاف إلا أن راتبه الـ
250 الف دينار شهرياً لا يسد دين الشاي و السكر التي قطعت, من الحصة
التموينية و دين البقال أو العطار أو أبو المولدة و كل الديون المترتبة
عليه و لولا ما يحصله أولاده الثلاثة (الذين تركوا المدرسة ليساعدوا
أبوهم) من بيع العلًاقات في السوق لكان عباس الآن في السجن بتهمة السطو
المسلح على خرجية أم خضير ( أم الباجلة ) , اليوم و في الصدفة الحسنة
الغير محسوبة العواقب دخلت مرغماً و لست مغرماً الى شارع الطسات و اذا
أنا بغبار متصاعد و أصوات أليات ثقيلة و تجمهر لأطفال حفاة هنا و هناك
يتسابقون تحت كيلة البلدوزر الذي يقوم بوضع اكوام التراب و الأنقاض في
أحواض اللوريات ما الذي يحدث !! ؟؟ لم تدخل آليات البلدية إلى المنطقة
منذ كانت هناك بلدية و كانت هناك منطقة , لا و هم مدير البلدية (بجلالة
أدروه ) يقف مع العمال و يراقب و يوجه و يصيح على هذا و ذاك , هل أنا في
حلم أم أن صحوة ضمير أصابت الحكومة فجأة و بدون مقدمات كنا نتوسل و نتوسط
و نتلوك كي تدخل منطقتنا أشباه الخدمات و إذا بها اليوم الخدمات كلها
عندنا يا مرحبا يا مرحبا , سألت جاري المندهش شنو القصة يمعود ؟ أكو شي
صاير ؟
خاف أشترى أحد أعضاء المجلس البلدي بيت حجي خلف المعروض للبيع و راح يجلس
في حينا , و لكنه متهالك و لا يصلح الا لعيش الفئران , ربما مر أحد أعضاء
البرلمان الموقر في شارعنا بالصدفة و انكسر خاطره على وضع المنطقة المزري
و حشد البلدية لتنظيف المنطقة ؟ أو ربما أحد الوزراء تيه طريقه أو هرب من
عبوات او كاتمات و الحماية جاءوا به الى منطقة النسيان و فقدان الضمير
الحكومي , او ربما و الله اعلم أن الانتخابات قدموا موعدها و الجماعة
يريدون يعملوا عملية تخدير للعقول النائمة اصلا ً بخطوات إستباقية كالحرب
الاستباقية التي تشنها العمة أمريكا على بعض الرافضين لسياستها , كل هذه
الاحتمالات سبقت سؤالي لجاري الذي كانت سعة فمه تزداد مع كل إحتمال أضعه
إمامه . و لكنه نسف كل هذه المنظومة من الاحتمالات باحتمال جديد على
مسامعي , لقد أجتمع أهل منطقة النسيان و ذهبوا بأجمعهم الى المجلس البلدي
و مجلس المحافظة و هددوهم بمظاهرة مليونية اذا لم ينفذوا مطالبهم و هي أن
يتذكر من فاز بالانتخابات (منطقة النسيان) و ينفذوا وعودهم التي قطعوها
في زمن الانتخابات , و الا ...
و عينك ما أتشوف الا النور قلبوها رأساً على عقب و الحمد لله ,
لكن يا أهالي منطقة النسيان أين كنتم في السنوات الغابرة ؟ لماذا لم
تجتمعوا للتظاهر قبل هذا الوقت ؟ هل كنتم مخدرين أم مدجنين أم مستسلمين
لطالما بح صوتي و أنا أدعوكم للخروج ... الكهرباء لا ترونها الا كموسم
البطيخ و البطاقة نحلت و تقلصت حتى أنقصم ظهرها و الفساد وصل الى محاصصة
الكراسي و رواتب المسؤولين أنتفخت على حساب مجاعتكم و لكنكم كنتم لا
تسمعون أصواتي و تعتبرونها نشاز و أرجعتم أنتم من نهبكم لينهبكم , ما
الذي حدث اليوم ؟ أهي غيرة أصابتكم مما يحدث في الجوار و أنتم الأصل في
كل شيء أم تحولتم الى شعب مقلد , فاذا سكت الآخرون سكتم و اذا نطق نطقتم
و اذا نام نمتم و اذا أنبطح أنبطحتم ؟ يا من علمتم العالم اليوم يعلمكم
العالم أن تنهضوا , و أنا أصرخ بوجه جاري و اذا بالغبار ينجلي و تهدئ
أصوات الآليات ... أكتشاف خطير لاح في الأفق مفاجئة أذهلت أبناء منطقة
النسيان ظهر الشارع أبو الطسات الذي أبغضه بعد أن رفعت الأنقاض من على
ظهره و اذا به شارع معبد .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق