السبت، 6 أغسطس 2011

إعلاميون يسجلون ملاحظات على مسودة حماية الصحفيين أمام البرلمان




بغداد/ المدى
قدمت مجموعة كبيرة من الصحفيين والإعلاميين خلال لقاء أمس الأحد في  البرلمان  مذكرة إلى رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي سجلوا فيها أهم  ملاحظاتهم ونقاط اعتراضهم على نص مسودة قانون حماية الصحفيين المقروء في  البرلمان قراءة ثانية .

وقالت المجموعة الموقعة على المذكرة والتي ناهز عددها مئتي صحفي وإعلامي بينها أسماء مهمة ، إن القانون بشكله الحالي يحتمل تفسيرات خطيرة ستكون بيد السلطة التنفيذية تعرض جملة الحريات الصحافية والعمل الصحفي الى زوايا لا تحمد عقباها .
كما جاء في المذكرة أن" حماية الصحفيين" موضوع غير مطروق بتاتا في تشريع أية دولة من دول العالم. والمشكلة هي أن صيغة مشروع القانون، التي عبرت عن هذا الموضوع، جاءت في معظم بنودها معاكسة تماما للأمل الذي يفترض انه راود المبادرين لوضعه، وهو حماية الإعلام والإعلاميين في العراق، وهذا فضلا عن فقر في المبنى والمعنى لا يمثل بأحسن صورة طاقاتنا الأدبية والتشريعية. وقد لا نظلم مشروع القانون إذا قلنا إن روحه تنتسب الى عقلية قديمة مفارقة لفكرة " العراق الجديد".
من جانبه قال رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي أنه يساند فكرة أن يخضع القانون الى مزيد من النقاش وأن يتم الاستماع إلى جميع وجهات النظر،خاصة بين الأوساط التي يستهدفها  القانون كما أبدى تفهمه لوجهة نظر أصحاب المذكرة من الصحفيين والإعلاميين مؤيداً فكرة أن  يستكمل النقاش فيه من أوجه واسعة من الرأي العام الصحفي .
كما التقت ذات المجموعة التي نابت عن شريحة واسعة من الصحفيين  بنائب رئيس مجلس النواب الدكتور قصي السهيل الذي اطلع على الملاحظات القانونية والإجرائية التي أثارت اعتراضات شريحة واسعة من الصحفيين كما تسلم نسخة من ذات المذكرة وأيد السهيل التوجهات الواردة في المذكرة داعياً الى مزيد من النقاش الوطني الشفاف في هذا المجال كي لا تخدش حرية التعبير عن الرأي تحت ظل القانون .
ودعت المجموعة الصحافية السادة النواب الى اعتماد نص المقترحات المقدمة من قبل منظمة "المادة 19" وهي منظمة دولية مرموقة معنية بحقوق الإنسان والحريات ، كأساس للتشاور والتباحث من أجل الخروج بقانون ناضج لتنظيم العمل الإعلامي في العراق مستنكرة في الوقت نفسه أن يتم تمييز الصحفيين على غيرهم من أصحاب المهن المعرضين لذات المخاطر التي يتعرض لها عموم العراقيين كما حذروا في الوقت نفسه من خطورة المساس بالحريات العامة وحرية التعبير على وجه الخصوص والتي ركزها الدستور خاصة وأن هذا المساس يأتي على شكل قانون تحت مسمى حماية الصحفيين.
السيد رئيس مجلس النواب المحترم
السيدات والسادة أعضاء مجلس النواب المحترمون
تحية طيبة
بين أيديكم مشروع " قانون حماية الصحفيين" منذ بعض الوقت. وقد تفضلتم بقراءته مرتين، كما أشركتم عددا من الصحفيين بمناقشته، خلال جلسة جمعتهم مع " لجنة الثقافة والإعلام" النيابية، في مبادرة تستحق الثناء.
وقد أصبح المشروع قاب قوسين او أدنى من عرضه على التصويت في مجلسكم الموقر. ونود، نحن مجموعة الصحفيين والإعلاميين الموقعين على هذه المذكرة، أن نبدي لحضراتكم وجهة نظرنا في المشروع، راجين منكم أخذها في الاعتبار، وتدارسها، أملا بالوصول الى صيغة تسهم في تحقيق بنية قانونية مساعدة لوضع أساس سليم لتنظيم الإعلام في بلدنا، ومنسجمة مع معايير القانون الدولي الخاصة بشأن الحق في حرية التعبير، وداعمة لترسيخ الديمقراطية وسيادة القانون وحقوق الإنسان.
لقد جاءت مبادرة نقابة الصحفيين العراقيين، الخاصة بإعداد مشروع هذا القانون، في ظل ظروف، بعضها مازال قائما، جعلت من فكرة " حماية الصحفيين" هما ضاغطا. وإذ نعبر عن تقديرنا لاستجابة النقابة لهذا الهم، فالملاحظ ان هذه الاستجابة لم ترق الى مستوى مشروع قانون ملائم لدعم ممارسة الصحفيين لحق التعبير، وضمان تحقيق الصحافة لدورها في الرقابة على الدولة والمجتمع، وقيامها بوظيفتها الأساسية في تقديم خدمة الحقيقة للجمهور.
ويحدث أن تأتي الضغوط غير الطبيعية بنتائج غير طبيعية. وكما تعلمون فان تلك الضغوط تراوحت بين القتل العمد، في حدها الأعلى، وبين تخريب ومصادرة متعلقات وأدوات الصحفيين، في حدها الأدنى. وكان من نتائج هذه الضغوط العالية ظهور مشروع هذا القانون الذي لا يوجد له نظير في العالم. فالواقع أن" حماية الصحفيين" موضوع غير مطروق بتاتا في تشريع اي دولة من دول العالم. والمشكلة هي أن صيغة مشروع القانون، التي عبرت عن هذا الموضوع، جاءت في معظم بنودها معاكسة تماما للأمل الذي يفترض انه راود المبادرين لوضعه، وهو حماية الإعلام والإعلاميين في العراق، وهذا فضلا عن فقر في المبنى والمعنى لا يمثل بأحسن صورة طاقاتنا الأدبية والتشريعية. وقد لا نظلم مشروع القانون اذا قلنا ان روحه تنتسب الى عقلية قديمة مفارقة لفكرة " العراق الجديد".
ومن دون الدخول في تفاصيل مشروع القانون فان هناك مشكلتين عامتين تسودان معظم مواده. الأولى قيود مباشرة وأخرى غير مباشرة على ممارسة حق حرية التعبير، وذلك في تناقض مع الغاية الأساسية لمشروع القانون( المواد 3 و6 و7 و8 و10 ). والمشكلة الثانية " تمييز" الصحفيين بمستوى حماية أعلى من مستوى الحماية الممنوح لبقية أفراد المجتمع العراقي، الأمر الذي يجعله متعارضا مع مبادئ حقوق الإنسان التي تساوي بين جميع الإفراد أمام القانون( المواد 4 و6 و9 و13 و14 ).
وعلى سبيل المثال فإنه حسب المادة 6 يمكن ان يكون حق الوصول الى المعلومات محدودا عندما يفسر بالإضرار بالمصلحة العامة. وهذا من شأنه عرقلة الحق الديمقراطي في الحصول على المعلومة لأن " المصلحة العامة" تعبير غامض يمكن استغلاله لرفض كشف المعلومات في طيف واسع من الحالات. ولا شك أن الدول تضع استثناءات تلزم بحجب بعض المعلومات، مثل الأمن القومي والعلاقات الدولية، الخصوصية الشخصية، السرية التجارية. غير أن كل استثناء من هذا القبيل في الديمقراطيات يخضع عادة لاختبار صارم مؤلف من قواعد معينة تحدد بوضوح مدى مشروعية الحجب او الكشف بالنسبة الى " المصلحة العامة".
وفي كل الأحوال فان حق الحصول على المعلومات، الذي تفتقد البلاد الى قانون يضمن تحقيقه، أصبح أمرا حاسما في عالم اليوم لتفعيل الصحافة والإعلام وشرطا من شروط الحكومة الحديثة ومفتاحا لحماية الحقوق الأخرى التي استحال معها ان تكون المعرفة ثمرة محرمة على الجمهور.
وأما بالنسبة الى مشكلة تمييز الصحفيين عن باقي أفراد المجتمع فيمكن التمثيل على ذلك بالمادة 14 التي تخص الصحفيين بامتياز الحصول على الرعاية والعلاج الطبي دون الأفراد الآخرين من غير الصحفيين الذين تعرضوا للأذى في الهجمات الإرهابية أثناء تأدية مهامهم. وطبيعي فانه لا يوجد في الأنظمة القانونية الدولية ما يناظر مثل هذا التمييز بين الصحفيين وبين غيرهم من الأفراد. إن المساواة قيمة كونية من حق جميع البشر حسب المادة 26 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية:" الناس جميعا سواء أمام القانون ويتمتعون دون اي تمييز بحق متساو في التمتع بحمايته".
لقد سبق لمنظمات دولية متخصصة عديدة أن تدارست على نحو مفصل مشروع هذا القانون، كاليونسكو ومنظمة المادة 19 ، وشملت ملاحظاتها السلبية جميع مواد المشروع من دون استثناء، اعتبارا من الديباجة عديمة الشكل والمعنى، وصولا الى " الأسباب الموجبة" ذات الطابع الإشكالي. وفي حالة منظمة المادة 19، وهي المعنية بمتابعة كل ما يتعلق بحرية التعبير حول العالم، استنادا للفقرة الخاصة بها في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، فانها لم تتوقف عند الجانب السلبي من المناقشة التي شملت بعض خبرائنا المحليين في الإعلام ونقابة الصحفيين العراقيين ذاتها، وإنما انتقلت إلى الجانب الإيجابي فأعدت، بمشاركة اتحاد الصحفيين الدولي وخبراء عراقيين، وبتمويل من الاتحاد الأوروبي، مشروع قانون بديل حظي بتقدير قطاع نوعي من الإعلاميين والصحفيين العراقيين.
ونحن بدورنا نحث المشرع العراقي على النظر في مقترح تلك المنظمة المرموقة، الذي حمل اسم " مشروع قانون حماية وتنظيم الصحفيين والإعلاميين"( صورة منه مع المرفقات)، واعتماده بوصفه أساسا ملائما لإعادة إطلاق مناقشة وطنية جادة تشترك بها كل الجهات النقابية والصحفية المعنية في مسألة بناء مشروع قانون جديد للإعلام، ليشكل أحد مداخل العراق المهمة الى الأزمنة الحديثة، وقبل ذلك بالطبع نناشدكم تأجيل عرض مشروع " قانون حماية الصحفيين" على التصويت في مجلسكم الموقر لحين انتهاء المناقشة الوطنية المأمولة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق